كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأخرج البخاري ومسلم وابن جرير وابن مردويه من طريق شريك بن عبد الله بن أبي نمر، عن أنس قال: ليلة أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم من مسجد الكعبة، جاءه ثلاثة نفر قبل أن يوحى إليه وهو نائم في المسجد الحرام، فقال أولهم: أيهم هو؟ فقال أوسطهم: هو خيرهم. فقال أحدهم: خذوا خيرهم. فكانت تلك الليلة فلم يرهم حتى أتوه ليلة أخرى، فيما يرى قلبه، وتنام عيناه ولا ينام قلبه، وكذلك الأنبياء تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم، فلم يكلموه حتى احتملوه فوضعوه عند بئر زمزم، فتولاه منهم جبريل فشق جبريل ما بين نحره إلى لبته حتى فرغ من صدره وجوفه، فغسله من ماء زمزم بيده حتى أنقى جوفه، ثم أتى بطست من ذهب محشوًا إيمانًا وحكمة فحشا به صدره ولغاديده- يعني عروق حلقه- ثم أطبقه ثم عرج به إلى السماء الدنيا، فضرب بابًا من أبوابها فقيل: من هذا؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد بعث إليه؟ قال: نعم. قالوا: مرحبًا به وأهلًا، ووجد في السماء الدنيا آدم، فقال له جبريل: هذا أبوك آدم فسلم عليه، فسلم عليه ورد عليه آدم وقال: مرحبًا وأهلًا بإبني.. نعم الإبن أنت. فإذا هو في السماء الدنيا بنهرين يطردان فقال: ما هذان النهرين يا جبريل؟ قال: هذا النيل والفرات عنصرهما. ثم مضى به في السماء فإذا هو بنهر آخر عليه قصر من لؤلؤ وزبرجد، فضرب بيده فإذا هو مسك أذفر. قال: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا الكوثر الذي خبأ لك ربك.
ثم عرج به إلى السماء الثانية فقالت الملائكة له مثل ما قالت له الأولى: من هذا؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد بعث إليه؟ قال: نعم. قالوا: مرحبا به وأهلًا.
ثم عرج به إلى السماء الثالثة فقالوا له مثل ما قالت الأولى والثانية.
ثم عرج به إلى السماء الرابعة فقالوا له مثل ذلك، ثم عرج به إلى الخامسة فقالوا مثل ذلك، ثم عرج به إلى السادسة فقالوا له مثل ذلك، ثم عرج به إلى السابعة فقالوا له مثل ذلك، كل سماء فيها أنبياء قد سماهم، منهم إدريس في الثانية، وهارون في الرابعة، وآخر في الخامسة ولم أحفظ اسمه، وإبراهيم في السادسة وموسى في السابعة بتفضيل كلام الله، فقال موسى: رب لم أظن أن ترفع عليّ أحدًا، ثم علا به فوق ذلك بما لا يعلمه إلا الله حتى جاء سدرة المنتهى، ودنا الجبار رب العزة فتدلّى حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى، فأوحى الله فيما يوحي إليه خمسين صلاة على أمتك كل يوم وليلة، ثم هبط حتى بلغ موسى فاحتبسه موسى فقال: يا محمد، ماذا عهد إليك ربك؟ قال: عهد إلي، خمسين صلاة كل يوم وليلة. قال: إن أمتك لا تستطيع ذلك، ارجع فليخفف عنك ربك وعنهم. فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم كأنه يستشيره فأشار إليه جبريل أن نعم إن شئت، فعلا به إلى الجبار تبارك وتعالى فقال وهو مكانه: يا رب، خفف عنا.. ؛ فإن أمتي لا تستطيع ذلك. فوضع عنه عشر صلوات. ثم رجع إلى موسى واحتبسه، فلم يزل يردده موسى إلى ربه حتى صارت إلى خمس صلوات، ثم احتبسه موسى عند الخمس فقال: يا محمد، والله لقد راودت بني إسرائيل على أدنى من هذا فضعفوا وتركوه، فأمتك أضعف أجسادًا وقلوبًا وأبدانًا وأبصارًا وأسماعًا، فارجع فليخفف عنك ربك كل ذلك. يلتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى جبريل ليشير عليه ولا يكره ذلك جبريل، فرفعه عند الخامسة فقال: يا رب، إن أمتي ضعفاء أجسادهم وقلوبهم وأسماعهم وأبدانهم، فخفف عنا. فقال الجبار: يا محمد، قال: لبيك وسعديك. قال: إنه لا يبدل القول لدي كما فرضت عليك في أم الكتاب، وكل حسنة بعشر أمثالها. فهي خمسون في أم الكتاب وهي خمس عليك. فرجع إلى موسى فقال: كيف فعلت؟ فقال: خفف عنا، أعطانا بكل حسنة عشر أمثالها. فقال موسى قد والله راودت بني إسرائيل على أدنى من ذلك فتركوه، ارجع إلى ربك فليخفف عنك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا موسى، قد والله استحييت من ربي مما اختلفت إليه». قال: فاهبط بسم الله، واستيقظ وهو في المسجد الحرام.
وأخرج النسائي وابن مردويه من طريق يزيد بن أبي مالك، عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أتيت ليلة أسرى بي بدابة فوق الحمار ودون البغل، خطوها عند منتهى طرفها.. كانت تسخّر للأنبياء قبلي، فركبته معي جبريل فسرت، فقال: انْزِلْ فَصَلِّ. ففعلت... فقال: أتدري أين صليت؟ صليت بطيبة وإليها المهاجر إن شاء الله. ثم قال: انزل فصَلِّ. ففعلت فقال: أتدري أين صليت؟ صليت بطور سيناء حيث كلم الله موسى، ثم قال: انزل فَصلِّ. فصليت فقال أتدري أين صليت؟ صليت ببيت لحم حيث ولد عيسى. ثم دخلت بيت المقدس فجمع لي الأنبياء عليهم السلام، فقدَّمني جبريل فصليت بهم ثم صعد بي إلى السماء الدنيا فإذا فيها آدم فقال لي: سلم عليه فقال: مرحبًا بإبني والنبي الصالح ثم صعد بي إلى السماء الثانية، فإذا فيها ابنا الخالة عيسى ويحيى، ثم صعد بي إلى السماء الثالثة، فإذا فيها يوسف. ثم صعد بي إلى السماء الرابعة، فإذا فيها هارون. ثم صعد بي إلى السماء الخامسة فإذا فيها إدريس. ثم صعد بي إلى السماء السادسة فإذا فيها موسى، ثم صعد بي إلى السماء السابعة فإذا فيها إبراهيم، ثم صعد بي إلى فوق السبع سموات، وأتيت سدرة المنتهى فغشيتني ضبابة.. فخررت ساجدًا، فقيل لي: إني يوم خلقت السماوات والأرض فرضت عليك وعلى أمتك خمسين صلاة، فقم بها أنت وأمتك، فمررت على إبراهيم فلم يسألني شيئًا، ثم مررت على موسى فقال لي: كم فرض عليك وعلى أمتك؟ قلت: خمسين صلاة. قال: إنك لن تستطيع أن تقوم بها أنت ولا أمتك، فاسأل ربك التخفيف. فرجعت فأتيت سدرة المنتهى فخررت ساجدًا.. فقلت: يا رب، فرضت علي وعلى أمتي خمسين صلاة، فلن أستطيع أن أقوم بها أنا ولا أمتي.. فخفف عني عشرًا. فمررت على موسى فسألني فقلت: خفف عني عشرًا. قال: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف، فخفف عني عشرًا ثم عشرًا حتى قال: هن خمس بخمسين، فقم بها أنت وأمتك. فعلمت أنها من الله صرى. فمررت على موسى فقال لي: كم فرض عليك؟ فقلت: خمس صلوات، فقال: فرض على بني إسرائيل صلاتان فما قاموا بهما، فقلت: إنها من الله فلم أرجع».
وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر، عن يزيد بن أبي مالك، عن أنس رضي الله عنه قال: «لما كان ليلة أسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم، أتاه جبريل عليه السلام بدابة فوق الحمار ودون البغل. حمله جبريل عليها ينتهي خفها حيث ينتهي طرفها فلما بلغ بيت المقدس أتى إلى الحجر الذي ثمة، فغمزه جبريل عليه السلام بإصبعه فثقبه، ثم ربطها ثم صعد.. فلما استويا في صرحة المسجد قال جبريل: يا محمد، هل سألت ربك أن يريك الحور العين؟ قال: نعم. قال: فانطلق إلى أولئك النسوة فسلّم عليهن، وهن جلوس عن يسار الصخرة. فأتيتهن فسلَّمت عليهن فرددن عليَّ السلام، فقلت: من أنتن؟ فقلن: خيرات حسان.. نساء قوم أبرار نقوا فلم يدرنوا، وأقاموا فلم يظعنوا، وخلدوا فلم يموتوا. ثم انصرفت فلم ألبث إلا يسيرًا حتى اجتمع ناس كثير، ثم أذن مؤذن وأقيمت الصلاة، فقمنا صفوفًا فانتظرنا من يؤمنا، فأخذ جبريل بيدي فقدّمني.. فصليت بهم، فلما انصرفت قال جبريل: يا محمد، أتدري من صلَّى خلفك؟ قلت: لا. قال: صلى خلفك كل نبي بعثه الله. ثم أخذ بيدي فصعد بي إلى السماء، فلما انتهينا إلى الباب استفتح، قالوا: من أنت؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد. قالوا: وقد بعث إليه؟ قال: نعم. ففتحوا له وقالوا: مرحبًا بك وبمن معك. فلما استوى على ظهرها إذا فيها آدم. فقال لي جبريل: ألا تسلِّم على أبيك آدم؟ قلت: بلى.. فأتيته فسلمت عليه، فردّ عليّ وقال لي: مرحبًا بابني والنبي الصالح. ثم عرج بي إلى السماء الثانية فاستفتح فقالوا له مثل ذلك، فإذا فيها عيسى ويحيى. ثم عرج بي إلى السماء الثالثة فاستفتح، فقالوا له مثل ذلك، فإذا فيها يوسف. ثم عرج بي إلى السماء الرابعة فاستفتح، فقالوا له مثل ذلك، فإذا فيها إدريس. ثم عرج بي إلى السماء الخامسة فاستفتح، فقالوا له مثل ذلك، فإذا فيها هارون. ثم عرج بي إلى السماء السادسة فاستفتح، فقالوا له مثل ذلك، فإذا فيها موسى. ثم عرج بي إلى السماء السابعة فاستفتح، فقالوا له مثل ذلك، فإذا فيها إبراهيم. ثم انطلق بي على ظهر السماء السابعة حتى انتهى بي إلى نهر عليه خيام الياقوت واللؤلؤ والزبرجد، وعليه طير خضر أنعم طير رأيت. فقلت: يا جبريل، إن هذا الطير لناعم. قال: يا محمد، آكله انعم منه. ثم قال: اتدري أي نهر هذا؟ قلت: لا. قال: الكوثر الذي أعطاك الله إياه، فإذا فيه آنية الذهب والفضة تجري على رضراض من الياقوت والزمرّد، ماؤه أشد بياضًا من اللبن، فأخذت من آنيته فاغترفت من ذلك الماء فشربت فإذا هو أحلى من العسل وأشد رائحة من المسك.
ثم انطلق بي حتى انتهى إلى الشجرة، فغشيتني سحابة فيها من كل لون، فرفضني جبريل وخررت ساجدًا لله. فقال الله لي: يا محمد، إني يوم خلقت السماوات والأرض فرضت عليك وعلى أمتك خمسين صلاة، فقم بها أنت وأمتك. ثم انجلت عني السحابة وأخذ بيدي جبريل فانصرفت سريعًا، فأتيت على إبراهيم فلم يقل لي شيئًا، ثم أتيت على موسى فقال: ما صنعت يا محمد؟ قلت: فرض عليَّ وعلى أمتي خمسين صلاة. قال: فلن تستطيع أنت ولا أمتك. فارجع إلى ربك فاسأله أن يخفف عنك. فرجعت سريعًا حتى انتهيت إلى الشجرة، فغشيتني السحابة وخررت ساجدًا وقلت: ربي، خفف عنّا. قال: قد وضعت عنكم عشرًا. ثم انجلت عني السحابة، فرجعت إلى موسى فقلت: وضع عني عشرًا. قال: ارجع إلى ربك فاسأله أن يخفف عنكم. فوضع عشرًا إلى أن قال: هن خمس بخمسين، ثم انحدر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل: ما لي لم آت على أهل سماء إلا رحبوا بي وضحكوا إلي، غير رجل واحد سلمت عليه فرد علي السلام ورحب بي ولم يضحك إلي؟! قال: ذاك مالك خازن النار، لم يضحك منذ خلق ولو ضحك لأحد لضحك إليك. قال: ثم ركبت منصرفًا، فبينما هو في بعض طريقه مرّ بعير من قريش تحمل طعامًا منها جمل عليه غرارتان، غرارة سوداء وغرارة بيضاء، فلما حاذى العير نفرت منه واستدارت وصرع ذلك البعير وانكسر، ثم إنه مضى فأصبح فأخبر عما كان، فلما سمع المشركون قوله أتوا أبا بكر رضي الله عنه فقالوا: يا أبا بكر، هل لك في صاحبك؟ يخبر أنه أتى في ليلته هذه مسيرة شهر ثم رجع من ليلته ! فقال أبو بكر رضي الله عنه: إن كان قاله فقد صدق، وإنا لنصدقه فيما هو أبعد من هذا، نصدقه على خبر السماء. فقال المشركون لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ما علامة ما تقول؟ قال: مررت بعير لقريش وهي في مكان كذا وكذا، فنفرت العير منا واستدارت.، وفيها بعير عليه غرارتان: غرارة بيضاء، وغرارة سوداء. فصرع فانكسر، فلما قدمت العير سألوهم فأخبروهم الخبر على مثل ما حدثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك سمي أبو بكر الصديق وسألوه: هل كان فيمن حضر معك موسى وعيسى؟ قال: نعم. قالوا: فصفهما. قال: أما موسى، فرجل آدم كأنه من رجال ازد عمان، وأما عيسى، فرجل ربعة سبط، تعلوه حمرة كأنه يتحادر من لحيته الجمان»
.
وأخرج ابن جرير وابن مردويه والبيهقي في الدلائل من طريق عبد الرحمن بن هاشم بن عتبة، عن أنس رضي الله عنه قال: «لما جاء جبريل عليه السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبراق، فكأنها هزت أذنيها فقال جبريل: يا براق، فوالله ما ركبك مثله، وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو بعجوز على جانب الطريق، فقال: ما هذه يا جبريل؟ قال: سر يا محمد. فسار ما شاء الله أن يسير فإذا شيء يدعوه متنحيًا عن الطريق يقول: هلم يا محمد، فقال له جبريل: سر يا محمد. فسار ما شاء الله أن يسير فلقيه خلق من خلق الله فقالوا: السلام عليك يا أول.. السلام عليك يا آخر.. السلام عليك يا حاشر. فقال له جبريل عليه السلام: اردد السلام. فرد السلام، ثم لقيه الثانية فقال له مثل ذلك، ثم الثالثة كذلك حتى انتهى إلى بيت المقدس، فعرض عليه الماء والخمر واللبن، فتناول رسول الله اللبن. فقال له جبريل عليه السلام: أصبت الفطرة، ولو شربت الماء لغرقت أمتك، ولو شربت الخمر لغوت أمتك، ثم بعث له آدم عليه السلام فمن دونه من الأنبياء، فأمّهم رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الليلة، ثم قال جبريل: أما العجوز التي رأيت على جانب الطريق، فلم يبق من الدنيا إلا ما بقي من عمر تلك العجوز، وأما الذي أراد أن تميل إليه، فذاك عدو الله إبليس أراد أن تميل إليه، وأما الذين سلموا عليك فإبراهيم وموسى وعيسى».
وأخرج ابن مردويه من طريق كثير بن خنيس، عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بينما أنا مضطجع في المسجد ليلة نائمًا، إذ رأيت ثلاثة نفر أقبلوا نحوي، فقال الأول: هو.. هو. قال الأوسط: نعم. قال الآخر: خذوا سيد القوم، فرجعوا عني، ثم رأيتهم الليلة الثانية، فقال الأول: هو.. هو. قال الأوسط: نعم. قال الآخر: خذوا سيد القوم، فرجعوا عني حتى إذا كانت الليلة الثالثة رأيتهم، فقال الأول هو هو، وقال الأوسط: نعم، وقال الآخر: خذوا سيد القوم، حتى جاؤوا بي زمزم فاستلقوني على ظهري ثم غسلوا حشوة بطني، ثم قال بعضهم لبعض: أنقوا. ثم أتى بطست من ذهب مملوءة حكمة وإيمانًا، فأفرغ في جوفي. ثم عرج بي إلى السماء فاستفتح فقالوا: من هذا؟ قال: جبريل. قالوا: ومن معك؟ قال: محمد. قالوا: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم. ففتح.. فإذا آدم إذا نظر عن يمينه ضحك، وإذا نظر عن شماله بكى. قلت: يا جبريل، من هذا ! ؟ قال: هذا أبوك آدم، إذا نظر عن يمينه رأى من في الجنة من ذريته ضحك، وإذا نظر عن يساره رأى من في النار من ذريته بكى».
ثم قال أنس بن مالك: يا ابن أخي إنه يطول علي الحديث. «ثم عرج بي حتى جاء السماء السادسة فاستفتح.. فقال: من هذا؟ قال: جبريل. قال: ومن معك؟ قال: محمد. قال: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم. ففتح فإذا موسى. ثم عرج بي إلى السماء السابعة فاستفتح.. قيل من هذا؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد. قال: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم. ففتح فإذا إبراهيم، قال مرحبًا بالابن والرسول. ثم مضى حتى جاء الجنة فاستفتح فقيل: من هذا؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد. قال: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم. ففتح الباب. قال: فدخلت الجنة فأُعْطِيتُ الكوثر، فإذا نهر في الجنة عضادتاه بيوت مجوفة من لؤلؤ، ثم مضى حتى جاء سدرة المنتهى {فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده ما أوحى} [النجم: 9]. ففرض عليّ وعلى أمتي خمسين صلاة، فرجعت حتى أمر موسى فقال: كم فرض عليك وعلى أمتك؟ قلت: خمسين صلاة. قال: فارجع إلى ربك فاسأله يخفف عنك وعن أمتك. فرجعت إليه فوضع عني عشرًا، فمررت على موسى فقال: كم فرض عليك وعلى أمتك؟ فقلت: أربعين صلاة. قال: فارجع إلى ربك فاسأله يخفف عنك وعن أمتك. فرجعت إليه فوضع عني عشرًا، فمررت على موسى فقال: كم فرض عليك وعلى أمتك؟ قلت: ثلاثين صلاة. قال: فارجع إلى ربك فاسأله يخفف عنك وعن أمتك. فرجعت إليه فوضع عني عشرًا، فرجعت إلى موسى فقال: كم فرض عليك وعلى أمتك؟ قلت: عشرين صلاة. قال: فارجع إلى ربك فاسأله يخفف عنك وعن أمتك. فرجعت فوضع عني عشرًا، ثم مررت على موسى فقال: كم فرض عليك وعلى أمتك؟ قلت: عشر صلوات. قال: فارجع إلى ربك فاسأله يخفف عنك وعن أمتك. فرجعت فوضع عني خمسًا. ثم قال: إنه لا يبدل قولي ولا ينسخ كتابي، تخفيفها عنكم كتخفيف خمس صلوات، وإنها لكم كأجر خمسين صلاة. فمررت على موسى فقال: كم فرض عليك وعلى أمتك؟ قلت: خمس صلوات. قال: فارجع إلى ربك فاسأله يخفف عنك وعن أمتك. فإن بني إسرائيل قد أُمِرُوا بأيسر من هذا فلم يطيقوه. قال: لقد رجعت إلى ربي حتى إني لأستحي منه».